في يوم ما طلب مني أحد المسؤولين أن أغلق هاتفي الشخصي بمجرد انتهاء مهامي التي أوكلت لي ومع دخولي إلى البيت، معللاً ذلك أنه يجب عليك أن تفصل بين أوقات ومسؤوليات العمل وبين حياتك الخاصة ولا تخلط الأوراق.. صراحة لم يرق لي هذا الطلب، بل تجاهلته تماماً واعتبرته مجرد وجهة نظر غير ملزم بها من قريب أو بعيد، خاصة أن طبيعة مهامي تتطلب التواصل مع الآخرين أحياناً.
لكنه كان مصراً على رأيه (عدم خلط الأوراق)
تدور الأيام وتمر بكل تفاصيلها وأكتشف أن البعض أصبح يشتكي من اقتحام البعض لخصوصيته في البيت وفي المطعم وفي الزيارات الأسرية وفي السفر وأحياناً النوم، بحيث أصبحت تحركاتنا وحياتنا وتنقلاتنا مكشوفة أمام الجميع، والسبب أننا لم نفصل بين العمل وطبيعته، وبين حياتنا الخاصة وأسرارها.
واليوم، وبعد مرور أكثر من خمس سنوات على هذا الحديث، تأكدت أن هذا المسؤول لم يقل ذلك من فراغ، بل قالها بحكمة العارف الذي اهتم لمصلحتي، ولكني تجاهلتها، خصوصاً أنه لربما مر بنفس المواقف والأحداث فنقل تجربته لي مشكوراً ولكنني لم ألتفت لها..
فأصبح يوم البعض منا -عزيزي القارئ- بين واجباته الأسرية، وبين برامج التواصل الاجتماعي، وبين الرسائل النصية، والرسائل الترويجية، وبرامج الرسائل المجانية، فتحتار تراضي مَن أو تتجاهل مَن أو ترد على مَن.. لا تعرف.. مما يسبب لك إحراجاً مع بعض الأصدقاء بحجة تجاهلك لهم قد يصل إلى حد الزعل من البعض!!
نعم انتهكت خصوصيتنا
وانتهكت حياتنا الخاصة
والسبب نحن بأيدينا وليس بيد أحد آخر
لم نحدد أوقات التواصل
لم نحدد أوقاتنا الخاصة
لم نحدد أوقات الراحة
بل خلطنا الأوراق بين إجازة وعمل وبيت
فلم نعد نستطيع أن نفرق بينهم
لحاجتنا لهم أو لربما أوهمنا أنفسنا أننا بحاجة لهم
لنجد أن الهاتف لا يقع من يد أحدهم طوال اليوم
والآخر يبحث عن ازدحام الشوارع من أجل أن يتراسل مع الآخرين
وأمثلة أخرى مهما سردتها لن ننتهي
حياة البعض منا أصبحت مشوشة
بل وأصبحت أسيرة للتواصل الاجتماعي عبر النت للأسف
آخر وقفة
اللي ما يطيع يضيع!!
التعليقات