الاثنين، 13 يناير 2014

عندما يعودون !!


وغالباً تصاحب الدبلوماسي أسرته في هذه الرحلة الطويلة التي لا يعرف متى نهايتها، هل بعد سنة أو سنتين أو عشر سنوات لا يعرف.. لذلك يفضل تواجد أسرته معه من زوجة وأبناء وبنات على مختلف أعمارهم.. وهذا يعتبر شيئاً طيباً بهدف الاستقرار والهدوء وراحة البال للطرفين. 
وهذه تعتبر مرحلة إيجابية في حياة أسرة الدبلوماسي، فهم سيعيشون في مستوى راقٍ يناسب طبيعة عمل والدهم، وسيتعلمون أفضل تعليم في أفضل مدارس في أفضل جامعات، بل وسيتلقون أعلى مستويات الخدمات الطبية، خصوصاً لو كانوا في الدول الأوروبية أو الأميركية، لذلك ستكون حياة الأبناء ومستقبلهم مبهرين كمخرجات تعليمية وعملية، فمنهم من تعلم وتخرج وعمل وأصبح اليوم مسؤولاً في إحدى الشركات الوطنية، ومنهم ما زال على مقاعد الدراسة يعيش حياة الطالب المغترب أحياناً. 
ولكن ما يغفله البعض منا هو الآثار السلبية المترتبة على ذلك بسبب الغربة والبعد عن الأوطان والانخراط في حياة تتطلب بعض الحزم والشدة منهم في ظل الانتقال من وطن لآخر، وهنا أقصد الأبناء طبعاً، فحياة الغربة والترحال من دولة لأخرى ومن نظام تعليمي لآخر، ومن مستوى معيشي واجتماعي لآخر تجعلهم يعيشون مرحلة شتات في حياتهم.. خصوصاً لو كانوا صغار السن. 
فهنا وطنهم ولكنهم في غربة، وهناك غربتهم ولكنهم يعيشون فيها مرغمين كوطنهم، فهناك وجدوا الصديق والزميل والعدو، ووجدوا العلم والحياة المرفهة نوعاً ما، ولكنهم افتقدوا لغة التواصل الأسري والاجتماعي وعلاقة ابن الخال وابن العم والجد والجدة، تراهم بسعادة دائمة لأنهم في الغربة هناك، ولكن في داخلهم فراغ الأسرة الكبيرة المترابطة فتجد عند عودتهم في إجازة أو زيارة خاطفة مدى شوقهم الكبير لوطنهم وحياتهم الاجتماعية واستقراراهم النفسي، بل البعض منهم أصبح في حيرة من أمره بين لهجة بلده وبين كلماته الأجنبية. 
وضع غريب عايشه البعض وشعر به أيضاً بعد عودته إلى الوطن نهائياً، حيث شعر ببعد المكان والزمان على أبنائه، فقد غادروا الوطن وهم أطفال ليعودوا، وإن عادوا بعد رحلة سفر وترحال من دولة لأخرى وهم كبار تجد فكرهم وثقافتهم ونفسيتهم لم تعد كما كانت، فهم متأثرون من غربتهم ويواجهون صعوبة في التأقلم مع الوضع الجديد في وطنهم، سواء من الناحية الاجتماعية أو النفسية أو الأسرية، وكأنهم ولدوا من جديد وطبعاً لا نستطيع أن نلومهم.. فهذه ضريبة عمل الدبلوماسي.
الأمر يتطلب منا أن نخالطهم وندمجهم في المجتمع تدريجياً مرة أخرى لا أن نتجاهلهم ونتركهم، فهم بحاجة لأن نقف معهم ونكون خير من يقف مع أخيه ولا نتخلى عنهم، فهي فترة انتقالية صعبة على الأسرة ككل، فهم ينتقلون من خلالها من نمط حياتي معين تأقلموا معه إلى نمط حياتي آخر مغاير وإن تشابها قليلاً، فأسرة الدبلوماسي -كما نعرف- مهما طال بها الأمد لا بد لها أن تعود.. فلنكن مستعدين لهم.. 

آخر وقفة 
عندما يعودون.. أحياناً لا يعودون جميعاً!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق