الثلاثاء، 21 يناير 2014

فزت بهدية !!


تصل بيتك عصراً وأنت بحالة نفسية مقلقة تبحث عن الراحة والاسترخاء والهدوء، بعد يوم عمل شاق بدأ منذ الصباح الباكر بين مراجعين ومسؤولين وشكاوى وملاحظات واجتماعات واتصالات وشد وجذب مع جاهل أو عالم، إلى أن تصل وأنت منهك تبحث عن ذاتك في بيتك وعائلتك، بعد أن أغلقت هاتفك وأبواب منزلك لتعلن للجميع هذا وقتي هذا ملكي. 
وهنا تتذكر وأنت في حالة استرخاء ذلك الرقم الذي تكرر أكثر من مرة وهو يتصل بك لدرجة أنه شغل بالك وتفكيرك لعله موعد المستشفى لعملية ابنتك، أو ربما المدرسة للشكوى من وضع ابنك، أو لربما السفارة لتحديد موعد المقابلة للتأشيرة، ثم تصمت قليلاً وتعود تتذكر أنك تنتظر الرقم السري لبطاقة البنك، ولربما اتصلوا بك لإعطائك الرقم بسرية تامة ولم ترد عليهم. 
وأنت في هذه اللحظات وبين تفكير واسترخاء وبين صمت وهذيان يرن هاتف المنزل فيناديك ابنك مسرعاً بأن هناك شخصاً يريدك للضرورة، أو يريد الوالدة!! فتنظر له باستغراب وتذهب معه وترفع السماعة مرحباً ببشاشة كعادتك به فيرد عليك الطرف الآخر: «أهلاً بحضرتك معاك شركة (*) لبيع المنتجات الخاصة (*) ونود أخذ موعد لشرح المنتج وكيفية التعامل معه، ولك هدية أيضاً عبارة عن (*)، وخصم خاص لبشاشتك في التعامل.. وأنت تستمع وتنظر إلى الساعة وهي تشير إلى ٣.٤٥ د، وفي داخلك ألف قهر وضيق منه.. فتعتذر منه بلطف.. وتعود وأنت متضايق من الاتصال». 
مساء تفتح هاتفك الخاص فيرن الهاتف لتجده ذلك الرقم الذي حيرك صباحاً، وجلست تفكر فيه طول الوقت، فترد مسرعاً وأنت في حالة حذر وقلق لتجد ما يلي: «أهلا بحضرتك معاك شركة (*) لبيع المنتجات الخاصة (*)، ونود أخذ موعد لشرح المنتج وكيفية التعامل معه، ولك هدية أيضاً عبارة عن (*)، وخصم خاص لبشاشتك في التعامل.. وأنت تستمع وتنظر إلى الساعة وهي تشير إلى ٦.٤٥ د، وفي داخلك ألف قهر وضيق منه.. فتعتذر منه بلطف». 
تصل إلى بيت والدتك وتجلس معها لأنك الابن البار، فيرن هاتفها فترد عليه وعلامات الاستغراب قد بانت عليها، فتقول: لحظة يا ابني لم أفهم كلامك وتعطيك السماعة لتعرف ما الموضوع المهم لتجد: «أهلاً بحضرتك معاك شركة (*) لبيع المنتجات الخاصة (*)، ونود أخذ موعد لشرح المنتج وكيفية التعامل معه، ولك هدية أيضاً عبارة عن (*)، وخصم خاص لبشاشتك في التعامل.. وأنت تستمع وتنظر إلى الساعة ٨.١٥ مساء، وفي داخلك ألف قهر وضيق منه.. فتعتذر منه بلطف أيضاً».
تصل مجلس صديقك كعادتك مساء وفجأة يدخل عليكم شخص غريب لا تعرفونه، فيقف صاحب المجلس مرحباً به ويقربه لصدر المكان، وفجأة يقف الضيف مرة أخرى ويقول: «أهلاً بحضراتكم معاكم شركة (*) لبيع المنتجات الخاصة (*) وأنا هنا اليوم لشرح المنتج وكيفية التعامل معه، ولكم هدية أيضاً عبارة عن (*)، وخصم خاص لبشاشتكم في التعامل.. وأنتم تستمعون وتنظرون إلى الساعة وهي تشير إلى ٩.٠٠ ليلاً، وفي داخلكم ألف قهر وضيق منه.. فتعتذرون له بلطف مرة أخرى!!». 
يا سادة يا مسؤولي التسويق في أي شركة تجارية.. أرجوكم راعوا الوقت وخصوصية الأسرة القطرية، فقد أصبح البعض يتململ منكم.. وهذا بالتالي يدفعكم لإيجاد فكر مطوّر لتسويق منتجاتكم أفضل من (فزت بهدية!!). 

آخر وقفة 
ليس بالضرورة كل فكرة مستوردة تناسب خصوصية شعب قطر!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق