تذهب صباحاً يومياً لتوصيل ابنك إلى روضته المستقلة وأنت سعيد جداً دون تكلف أو ضجر، رغم ازدحام الشوارع من هذا المشوار، وذلك لأنك تنظر إلى مستقبل ابنك القادم، حيث حرصت على تأسيسه التأسيس الصحيح من خلال إلحاقه بأفضل المدارس والجامعات، ولا تنظر إلى أنه وضع مؤقت، بل تنظر على أنه وضع مستمر.
تذهب به وأنت واثق من اختيارك الصحيح للروضة التابعة لمجلس التعليم المشهورة بمخرجاتها القوية وبمناهجها وإدارتها، وطبعاً الواقعة بمنطقتك السكنية، لتعود ظهر كل يوم لاستلام حلمك القادم، ابنك الغالي، لتعود به للبيت وأنت تتبادل معه الأحاديث، وتسعد كثيراً أنه يتحدث الإنجليزية ويعرف الأرقام والأحرف أكثر من العربية، وفي قرارة نفسك تقول (هذا المطلوب).
تجلس والدته عصراً لتراجعه استعداداً للاختبارات النصفية، فتنتقل معه من مادة لأخرى ومن درس لآخر حتى تصل به لدرس الأعداد فتسأله عن العدد 5 فيرد عليها (هذا النمبر هو فايف!!) فتنظر له وتستغرب فتنتقل لرقم آخر لتتأكد وتسأله عن الرقم 9 فيرد عليها بثقة (هذا النمبر هو ناين!!).
فانتقلت لموضوع آخر وهي مستغربة من لغته.. وتصل معه إلى درس الألوان وسألته عن اللون الأخضر، فجاوب بثقة (هذا الكلر هو جرين!!)، وكذلك مع الأصفر والأزرق والأحمر، ويزيد استغرابها أكثر وأكثر، فسألته كيف تعلمت هذه الطريقة؟ فرد عليها وبثقة: من المعلمة!! وهل المعلمة تتحدث معكم بهذه الطريقة؟ فقال: نعم تتكلم الإنجليزية!!
لو أخذنا كلام الطالب بحذافيره.. فأعتقد الوضع يعتبر مأساة، فلا هي لغة إنجليزية ولا هي لغة عربية، بل هي لغة خليطة لا نعرف منبعها وأصبح ضحيتها اليوم جيل كامل يتحدث لغة خليطة ركيكة على أنها لغة عربية!!
فهذا الطالب أصبح ضحية ثنائية اللغة للأسف، فلا هو الذي تكلم العربية بطريقة صحيحة، ولا هو تكلم الإنجليزية بشكلها الصحيح، بل ضل الطريق باسم التطوير!! فمن يتحمل المسؤولية؟ وهل المعلمة أصلاً تستطيع التحدث بطلاقة العربية الفصحى؟ أو هل تستطيع التحدث بطلاقة اللغة الإنجليزية؟ وهل هي مهيأة قبل إلحاقها بهذه المهنة ولهذا العمر والنشء من جميع النواحي؟
أعتقد لو سلمنا بصحة كلام الطالب دون تزييف، فلا بد هنا أن نطالب بإعادة النظر في التعيينات الخاصة بهذه المرحلة المهمة في حياة الطالب، فهي مرحلة التأسيس الحقيقي له، فإن كان الأساس سليماً بنينا جيلاً واعداً، والعكس أيضاً، ولكن أن تتدخل الواسطات والمعارف فهذه الطامة الكبرى.. لذلك لا بد أن نختار بدقة وعناية مَن سيُعلم جيل المستقبل ويؤسسه الأساس الصحيح حتى تكون مخرجاتنا مخرجات قوية نفخر بها لا نخجل منها.
آخر وقفة..
للعلم الطالب ما زال يقول:
((ون . تو . سري))
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق