اقترب العد التنازلي الفعلي للوصول لبداية عطلة الربيع لطلابنا وطالباتنا المنتظرة كل عام، ومعها سيبدأ الصداع السنوي بين الأخذ والعطاء في حوار الأسرة الذي عادة لا ينتهي إلا بخلاف، فتقول في قرارة نفسك «وين أوديهم»؟.
فمنهم من يريد السفر، ومنهم من يريد الاشتراك في مركز شبابي أو نادٍ صحي، وهناك من فضّل الاستمتاع بالجو الربيعي في الدولة، كما سنجد أيضاً فئة أخرى لديها التزامات اجتماعية ومواجيب لا بد من القيام بها، إما مجاملة أو رد جميل أو حتى من باب قبول الدعوة وصلة الأرحام والأصدقاء، وهذه صفة محمودة.
فما أن تصل بطاقة الدعوة لحفل زفاف فلان وفلانة، وحتى تجدها مذيلة بجملة يمنع اصطحاب الأطفال والخدم وكاميرات التصوير، وهذا من حق أصحاب الدعوة ولا خلاف عليه، فقد تعودنا على ذلك.. ولكن يبدأ في بيتك موال آخر بالنسبة للأطفال (وين نوديهم؟) نعم سؤال مهم، خاصة لو كانت الدعوة مساء الخميس للنساء.. فتجد الأم في حيرة من أمرها (وين أودي عيالي؟).
البعض يفكر في الاعتذار، والبعض الآخر يفكر في أقرب مطعم للوجبات السريعة، ومنهم من يفكر في ملازمة الخدم طول الوقت لهم في البيت بشكل يجعل الأم تطمئن أن الأبناء في مأمن بسبب تواجدهم ومتابعتهم ومراقبتهم، وهذا حل بعض الأسر تفضله، بل وتعتمد عليه غالباً.
ولكن أحد الإخوة لديه تجربة أخرى فيقول: بوعلي قررنا أنا وأم خليفة بعد وصول دعوة الزفاف أني أجلس في البيت مع العيال، رغم ارتباطي برحلتي الأسبوعية مع الشباب، فكان من أصعب القرارات!! وهي ستلبي الدعوة مجاملة لأحد الجيران كواجب، وكانت فعلاً مشكلتنا عيالنا (وين نوديهم؟). ويقول فما أن خرجت أم خليفة وتأكدت أنها ذهبت ووصلت قاعة الأفراح أخذت الأبناء واتجهنا لأقرب مطعم، وجلست معهم حوالي ساعتين بين أكل وشرب ولعب وسوالف، ثم اتجهت بهم إلى حديقة الكورنيش، وبدأت ألعب معهم في الهواء الطلق، وأتبادل معهم بعض الأحاديث والمواقف.
يقول: تصدق أخوي حسن الجولة استغرقت 3 ساعات تقريباً، وكنت بداية في غاية الضيق والتململ، ولكن ولله الحمد لما بدأت أقترب من أبنائي وألعب معهم ونتناقش في مواضيع تناسب أعمارهم وأشاركهم في المزح والضحك والأناشيد المدرسية (أقسم بالله يا بوعلي إني حسيت بسعادة ما قد عمري حسيتها) ولا تتصور كيف كانوا في البداية يقتربون بحذر مني خوفاً إني أغضب، ولكن عندما بادرت بالضحك والمزح معهم انكسرت الحواجز، وبقي الاحترام لدرجة أني تمنيت أن كل أسبوع أم خليفة لديها حفل زفاف.
ولا أخفيك سراً يا بوعلي في هذه الجولة اكتشفت بعض الصفات الشخصية في أبنائي، لم أكن منتبهاً لها أبداً، فمنهم الانطوائي، ومنهم المزوحي، ومنهم سريع الغضب، كما اكتشفت صفة القيادة وطيبة القلب في ابنتي الصغرى والقريبة لقلبي عائشة، فأدركت لحظتها فعلاً مدى أهمية اقترابي منهم واكتشافي لشخصياتهم المجهولة بالنسبة لي.
آخر وقفة
أعتقد بوخليفة جاوب عن سؤال البعض (وين أوديهم؟).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق