الأربعاء، 15 يناير 2014

راحة الزبون !!


كنت وأنا صغير -عزيزي القارئ- وفي أحياء الدوحة القديمة أقرأ كلمة «بقالة» بتعجب، حيث لم أكن أعرف معناها، ولكن عندما دخلت وتعاملت مع صاحب البقالة عرفت أنه ذلك المكان الصغير الضيق الذي يبيع معظم احتياجات أهل الحي من معلبات ومخبوزات وبعض الفواكه والخضراوات والمثلجات والحلويات بهدف طبعاً «راحة الزبون»، وأعتقد أن كل منا لديه ذكريات مع البقالة وراعيها بشكل أو بآخر. 
ومع تطور الاقتصاد الوطني والانفتاح على العالم تطورت الفكرة إلى مسمى «السوبر ماركت»، وهو ذلك المكان المعروف بتمدنه، من خلال فكرة عرض المنتجات الكثيرة والأصناف والاتساع والتهوية والإنارة بهدف طبعاً «راحة الزبون»، ومن خلال أيضاً نظام المحاسبة ونظام إداري بين المورد والمستهلك ولغة اقتصادية معروفة لأصحاب الشأن.
وهنا تطور الفكر الاقتصادي إلى فكرة «الهايبر ماركت»، وهو ذلك المكان ذو المساحات الشاسعة والأصناف المتعددة والمنتجات المستوردة أو الخاصة، وكذلك السعر التنافسي والعروض الخاصة اليومية، ونظام دقيق محاسبي وإداري لا يقبل الإهمال أو التقصير وبهدف أيضاً «راحة الزبون».
ودعوني هنا أتوقف عند «راحة الزبون» قليلاً.. إنه ذلك الهدف الذي يسعى كل منفذ بيع إلى تحقيقه لكسب أكبر عدد ممكن من الزبائن لبيع أكثر السلع والتربح أيضاً فراحة الزبون هدفهم، وهذا لا يختلف عليه اثنان طبعاً، ولكن أعتقد أن البعض أساء فهم «راحة الزبون» فحاول فعلاً أن تكون راحته هي الهدف الأسمى لديه مهما كان المنتج.. المهم يكون «مرتاح الزبون»!!
فمنهم من باع مواد منتهية الصلاحية بالستر وبأسعار أقل ولزبائن معروفين لديه، حيث وجد لها رواجاً في بعض المناطق، مثل الصناعية، فهناك كثافة سكانية عمالية كبيرة، ونادراً لو انتبهت لتاريخ الصلاحية!!
ومنهم من عرض وباع مواد مثلجة من بقايا لحوم مقاصب، حيث استوردها من أشخاص وهو قد يعرف أنهم لا يملكون لا مصنع ولا أية صفة رسمية، ولكن تعاون معهم ووجد طريقاً لترويج تجارته وربحه السريع قبل اكتشاف أمرهم. 
ومنهم –وللأسف- من استغل موقعه وثقة المتعاملين معه فسهل لهم بيع السويكة والتنباك، رغم أنها مواد ممنوعة ولا يسمح القانون الرسمي ببيعها للآخرين، ولكنهم استغلوا غفلتنا وباعوا وسوقوا وسيطروا على عقول المتعاملين معهم من فئة الشباب، بهدف التربح من ورائهم، والأهم لديهم هو «راحة الزبون»!!
للأسف «راحة الزبون» جعلت البعض منهم اليوم لا يتقيد بالأنشطة حسب التراخيص التجارية، بل وممارسة نشاط غير المرخص به للمحل، متساهلين في الإجراءات القانونية حيال ذلك. 
ولكن ولله الحمد الجهات الرقابية في الدولة، سواء من الجهات الأمنية أو البلدية كانت لهم بالمرصاد، حيث تم ضبط أحد المحلات التجارية مؤخراً يبيع مواد ممنوعة وبكميات كبيرة في ضربة قاصمة لمحلات البقالات التجارية التي تتساهل في ذلك وتضع «راحة الزبون» هدفاً لبيع أي ممنوعات!!
بصراحة وضع مؤسف لم نتمن أن نقرأه في يوم عبر صحفنا المحلية، فهذا البائع قد خان الأمانة ولم يكن أميناً أبداً في تعامله مع الآخرين ومع الكفيل الذي وضع ثقته فيه، فلم يكن على قدر من المسؤولية فعرض الآخرين للخطر وعرض نفسه للمساءلة القانونية.. شكراً لبلدية الدوحة، وشكراً لرجال الأمن على وعيهم وحرصهم. 

آخر وقفة 
«راحة الزبون» هل تتطلب من البعض أحياناً التنازل عن بعض المبادئ؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق