نعيش حياتنا بكل تفاصيلها اليومية بحلوها ومرها، وبمغامراتها الصائبة والخائبة، متسلحين بالخبرات السابقة التي مررنا بها منذ نعومة أظفارنا وتعلمناها يوماً بعد يوم.
تمر علينا تحديات كثيرة في مجال عملنا تصقلنا وتقوي عودنا، تعلمنا أن لا نيأس، بل نعمل جاهدين كي نذلل كل الصعاب التي تواجهنا مهما كانت، فنتدرج في وظائفنا الحكومية، ونخطو خطوات الواثق من نفسه المتمكن من أدواته، ملتحقين بالدورات التدريبية والورش المستمرة، بغية الوصول إلى أرقى مستوى في الأداء اليومي للعمل.
وبين موظف ومساعد ورئيس قسم ومساعد المدير ثم المدير العام قصة كفاح ونجاح وتضحيات عملت من أجلها ليل نهار، وأنت تحفر الصخر لتخط بقوة اسمك أمام الجميع حتى تثبت لهم من أنت ولماذا تستحق هذا المنصب بجدارة.
لتبدأ قصة أخرى من مسار حياتك العملية بعد تحويلك لوظيفة خبير في المكتب الوثير.. وأنت في داخلك الرضا التام على تحويلك لهذه الدرجة، لأنك تملك من الخبرات التطويرية الكثير مما سيساهم في تسريع وتيرة العمل وإنجازه بسرعة عبر خبراتك التي ستنقلها للآخرين وهم يستعينون بك يومياً..
ومر اليوم وبعده يوم ويوم، ثم أيام، ثم أشهر، ولم يتصل بك أحد يستشيرك أو حتى يسأل عنك، فتبادر أنت بالاتصال بهم للاطمئنان على سير العمل وتذكرهم بوجودك المنسي، فتجد الإجابة من الطرف الثاني (عفواً.. مَن حضرتك؟) فتصدم وأنت من أفنى عمره من أجل العمل ليصل بك المطاف إلى (عفواً.. مَن حضرتك؟).
صدمة تهز كيانك أن الجيل الحالي لا يعرف خبرات السنين وصاحب البصمات الأولى في مقر العمل، وأن تحويلك لخبير في المكتب الوثير ما هو إلا شهادة إعدام حي لكفاءة قادرة على العطاء ولكن بدون تقدير.
إنه حال البعض يا سادة ممن أفنوا أعمارهم من أجل العمل وما زالوا قادرين، لكنهم وجدوا أنفسهم ولم يتعدوا ٤٥ عاماً من أعمارهم قد تم تحويلهم للمكتب الوثير كخبراء لا أكثر بين الصحف وأخبار الناس والمباريات والشاي لينتهي اليوم ويعودوا إلى منازلهم!!
فهل هذا تقدير لهم أم نكران قدراتهم أم إهمال لطاقاتهم؟
أسئلة كثيرة تجول في داخلهم لم يجدوا لها إجابة شافية.
فهل ستشعرون بهم بدلاً من صدمة (عفواً.. مَن حضرتك؟).
آخر وقفة
أحدهم همس في أذني
عندنا خبير أجنبي عمره ٥٩ سنة وصل من كم يوم بعقد خاص!!

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق