إلى الآن الموضوع عادي جداً، ولكن ما لفت نظري صراحة واستوقفني أيضاً هو ذلك الانسجام التام بينهم في الأحاديث والمواضيع المطروحة لدرجة أنك تظن أنهم أصدقاء وليس حواراً أبوياً مع أبنائه، فهذا يتحدث وهذا يستمع وهذا مبتسم، ودارت مناقشات عامة، رغم تنوع المواضيع ودرجة أهميتها للأطراف الثلاثة، فتباين أعمارهم كان ظاهراً فعلاً، ولكن هذا لم يمنع أن يتحاوروا ويستمعوا لبعض، فتشعر وكأن الجلسة حققت أهدافها.
وما لفت نظري أيضاً خلال جلستهم الحوارية الأسرية هو تركهم لهواتفهم المحمولة نهائياً، وكأنه اتفاق ضمني بينهم لا يخلفه أحد أثناء الجلسة، فتظن أنهم اتفقوا على أن (نترك هواتفنا جانباً لا ننشغل بها أبداً) وهذا ما حدث، لذلك استرسلوا في الحديث دون مقاطعة والمواضيع مكتملة غير مبتورة أو بلا تفاصيل، بل كان الصغير يتحدث والكبير ينصت له دون مقاطعة أو رسالة نصية تشتت انتباهك أو اتصال غير متوقع يأخذك منهم.
خلاصة الحديث أننا بحاجة فعلاً -عزيزي القارئ- أن نستقطع وقتاً محدداً ونوهبه لفلذات أكبادنا، ونخرج معهم بين فترة وأخرى، ونجتمع في مكان عام بعيداً عن الجو المنزلي المؤرق أحياناً لنسمع منهم ويسمعون منا ونفهمهم ويفهموننا، بل ونجعلها جلسة فضفضة أسرية بلا حواجز أو عوائق، لنتعرف عليهم عن قرب ونكتشف شخصياتهم.
وهذا بالضبط ما فعله الأخ مع أبنائه أثناء جلستهم، فكان الحوار أبوياً أخوياً ممتعاً بينهم حسب تعابير وجوههم وردود أفعالهم على مسار الأحاديث، فكانت فرصة لولي الأمر للتقويم والتعديل والتدعيم واكتشاف مواطن القوة والضعف في أبنائه، لذلك ستجدهم مع الأيام يتشوقون دائماً لهذه الجلسة الحوارية الأبوية، بل ويطالبون بها، فهنيئاً لكل أب منح أسرته الوقت الكافي للجلوس معهم وتفهمهم عن قرب.
آخر وقفة
عندما نجلس نكتشف أكثر

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق