مَن منا لم يقصر في حق أسرته يوماً ما؟ ومَن منا لم ينشغل في مهام عمله مجبراً وقصّر في حق أهله؟ ومَن منا لم ينتبه في يوم أن لأسرته حقاً عليه لا بد أن يوفيه؟ ومن منا لم ينجرف وراء رغباته قليلاً فيغيب عن القيام بواجبه تجاه أسرته؟ والكثير منا -ولله الحمد- يتدارك ابتعاده عنهم في الوقت المناسب ويعود..
في هذه الحياة، وبسبب انشغالنا بلقمة العيش، لا ننكر أننا انجرفنا قليلاً عن مسارنا الطبيعي الذي كان من المفترض أن نسلكه من أجل الوصول إلى هدفنا الأساسي بتأمين حياة سوية لأسرتنا، سواء كان باختيارنا أم مجبرين، وكانت النتيجة تقصيرنا بمختلف درجاته في حق عائلاتنا.
منا من يتفهم تقصيره من تلقاء نفسه وتجده يتوقف ويعود أدراجه، وفي داخله شعور بالذنب وتأنيب الضمير.
ومنا من ينتظر من ينبهه بمدى تقصيره في حق أسرته فتجده يعترف بذلك ويعود آسفاً لهم طالباً الصفح والتجاوز عنه.
ومنا من يكابر ولا يلتفت إلى حجم تقصيره مبرراً غيابه عنهم بأنه يعمل من أجلهم ليل نهار، لذلك غاب عنهم فلا ضير.
وتلك هي المعضلة، فرغم أنه يعرف تقصيره وانشغاله عن أهل بيته إلا أنه ما زال يصر على ذلك، ولا يريد أن يصحح مجرى حياته، وتناسى أن وجوده كولي أمر اليوم هو جزء أساسي من عملية تربية الأبناء وتقويم مسار الأسرة، فالكل بحاجة له ولتوجيهاته ومتابعته، فالحياة ليست فقط مالاً وجاهاً، بل مال وجاه وأسرة سعيدة.
لا ننكر أننا قصرنا في حق أبنائنا وزوجاتنا في فترة من فترات حياتنا، ولكن لا بد أن نستدرك المسار الخاطئ ونعود لهم بحب وإخلاص من جديد وفي داخلنا رغبة وإصرار بتعويض ما فاتهم من حرمان أبوي كان يعذبهم في هذه الحياة، وهذا الأهم أن نعود لا أن نستمر في غيابنا عنهم.
عزيزي الأب راجع نفسك الآن وفكر بصوت هادئ..
هل قصرت في حق أسرتي؟
هل اتبعت أهوائي ورغباتي ونسيتهم؟
هل أخذني العناد بعيداً عنهم وتركتهم؟
إذاً هذه صفحة من صفحات حياتي سأطويها وأبدأ من جديد معهم، فهم جزء لا يتجزأ مني وأنا بدونهم لا أحيا سعيداً أبداً، فنجاحهم في حياتهم هذا هو الاستثمار الاسمي الذي سأجني أرباحه مستقبلاً.
آخر وقفة
غياب البعض منا أفضل من حضوره غائباً!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق