الاثنين، 12 يناير 2015

فوضى المسميات !!


جمعتني الصدفة قبل عدة أيام في مجلس أحد الأصدقاء بشخصية من دولة مجاورة، تعرفت عليه وتبادلنا الأحاديث المشتركة، رغم أني كنت في بعض الأحيان شارد الذهن وأفكر في مسماه الذي قدم نفسه من خلاله لي بوقار قائلاً: "معك خبير العلاقات الاقتصادية.." وعرفته بنفسي طبعاً.
وحسب كلامه فإنه خريج 2009، وعمل في المجال الاقتصادي متنقلاً بين 3 شركات، وما زال يعمل!! من الممكن أن يرى البعض أن المسمى عادي وين المشكلة؟ امممم المشكلة أن عمر هذا الشخص لا يتطابق مع مسمى (خبير) فهو لم يتعدَ من العمر 26 عاماً تقديراً، فكيف أصبح خبيراً؟ وما هي خبراته العملية والميدانية والأكاديمية؟ فسألته عن المسمى، فقال:(عادي يابن الناس لا تدقق)!! 
جلست أفكر وأقلب صفحات الماضي قليلاً وأتجول في أسماء قائمة الهاتف التي أملكها، وأعيد قراءة الأسماء والمسميات والألقاب فوجدت (الخبير - الموجه - الأستاذ - الإعلامي - المحاضر - الاستشاري - الفيلسوف - المفكر - الشاعر - الكاتب - الفنان - المدرب - المهندس - المحفز - المحفص..) إلخ هذه الألقاب والمسميات التي لم ألقَ لها بالاً يوماً إلا اليوم!! 
فزاد استغرابي صراحة، هل هذه المسميات صحيحة وفق أسس معينة؟
أم إنها تطلق جزافاً وفق معايير غير معرفة مجرد مسمى والسلام؟! 
ومن يطلق على من هذا المسمى أو ذاك؟ وكيف؟ 
ثم ما هي درجات هذه المسميات، هل أبدأ حياتي بخبير ثم استشاري أم العكس؟ 
أعتقد الوضع بحاجة لإعادة نظر، فلم نعد نعرف حقيقة درجة علم البعض من جهله، وهل كل من التحق بدورة تدريبية لمدة 3 أيام مثلاً أصبح مؤهلاً وجاهزاً بحيث يقدم نفسه للآخرين على أنه البروفيسور العالمي فلان؟! 
طبعاً حديثي هذا عن البعض وليس الكل، فهناك مجموعة من أصحاب هذه المسميات نفخر بها وبعلمها رغم صغر سنها، بل وندعمهم ونشد على أيديهم. 
ولكن مع انتشار عشرات المدربين والموجهين والاستشاريين والخبراء في كل مكان نذهب إليه أصبح الأمر بحاجة إلى إعادة نظر، رغم أن منهم فعلاً من هم من الثقات، ومنهم من يحتاج إعادة تأهيل وتدريب وتعليم أحياناً.. 
فلا يعقل طالب ثانوي يعرف نفسه (الموجه فلان الفلاني)، نعم هناك فروق فردية، وقدرات وخبرات حياتية، وتجارب تميز هذا عن ذاك، ولكن هل هذا يكفي حتى أحمل مسمى المفكر فلان أو الخبير فلان؟ 
أتوقع الموضوع يهم البعض منا، ونحتاج فعلاً للتركيز أكثر عليه، من خلال جهة رسمية تضع أسس ومعايير منح هذه الألقاب حتى لا تظلم الخبرات والطاقات في ظل فوضى المسميات، فهناك أسماء تحمل من الخبرات العملية والشهادات عشرات السنين في تخصصها، صعب أن نساويهم بنفس مسميات من التحقوا اليوم بنفس الميدان! 
آخر وقفة 
في ظل فوضى المسميات ضاعت حقوق الخبرات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق