قرأت لكم في دراسة أن العائلة ليست فقط مجموعة من الناس تتشارك في المنزل أو في بعض الصفات الوراثية. مفهوم العائلة أكبر من ذلك بكثير. يجب أن تكون العائلات هي المصدر الأساسي للدعم والتشجيع بالنسبة لأبنائها، فالتمتع بالدفء الأسري يخلق استقراراً نفسياً وشخصيات متزنة، ولكن ليس معنى ذلك أن يظل جميع أفراد العائلة على وفاق دائم طوال الوقت، فالاختلاف هو سمة البشر، وكثيراً ما تحدث الخلافات بين أفراد الأسرة الواحدة سواء بين الأبوين أو بين الأبناء بعضهم البعض.
ترجع هذه الخلافات إلى اختلاف الشخصيات، التفكير ووجهات النظر، وقد تكون ناتجة لضغوط عصبية يتعرض لها أحد أفراد الأسرة من مرض، ضائقة مادية، مشاكل في العمل أو غيرها من الكثير من المشاكل التي نصادفها في حياتنا اليومية وتؤدي بنا إلى التوتر والعصبية. مما قد يؤثر بالسلب على جميع أفراد العائلة، خاصة إذا كانت هذه المشاكل تتخذ طبيعة عنيفة أو تستمر لفترات طويلة.
وأكثر المشاكل تأثيراً هي المشاكل التي تحدث بين الزوجين، حيث يشعر الأبناء بتوتر العلاقة بين أبويهم مما يعطيهم الشعور بعدم الأمان، وبالتالي تتأثر سلوكياتهم وطرق تعاملهم مع من حولهم بسبب هذه المشكلات. بل ويمتد هذا التأثير ويستمر مع الطفل عندما يكبر وينفصل بحياته عن عائلته ويبدأ في تكوين أسرته الخاصة.
حيث أثبتت الدراسات الحديثة أن المراهقين الذين تربوا في أسر مستقرة وسعيدة يتسمون بقابلية أكثر للتمتع بزواج صحي ومستقر من غيرهم ممن تعاني أسرهم من مشاكل مستمرة وعدم استقرار أسري.
تم إجراء بعض الدراسات الدقيقة على عدد من الأسر لتحديد أثر التفاعل الأسري الإيجابي بين أفراد الأسرة الواحدة. وعملت هذه الدراسة على 5 محاور لتقييم هذا الأثر، وهذه المحاور هي استجابة المستمع، الثقة بالنفس، والسلوك الاجتماعي الإيجابي، والتواصل الفعال، والدفء الدعم.
وقد وجد أن الأسر التي تتميز بالتواصل والمشاركة بين أفرادها تحقق أعلى الدرجات في هذه المحاور، وأن أبناء هذه الأسر يبحثون عن نفس الصفات الإيجابية في شريك حياتهم عند قيامهم بتكوين أسرة جديدة، مما يثبت أن الدفء الأسري واحتواء الأبناء والاستماع لمشكلاتهم ينتج عنه أسر جديدة مستقرة في المستقبل.
لذلك، فالمسؤولية التي تقع على عاتق الآباء والأمهات ليست بالسهلة أو البسيطة، فكونك أماً وكونك أباً فأنت مسؤول عن غرس القيم والمبادئ في شخصية طفلك ليخرج للمجتمع فرداً سوياً قادراً على إفادة نفسه ومن حوله، كما أنك أيضاً مسؤول عن الحفاظ على هدوء بيتك والتصدي للمشكلات التي قد تهدم المنزل أو تتمكن من تدمير نفسية أطفالك، وتؤدي بهم إلى الاستمرار على نفس النمط المضطرب في المستقبل.
آخر وقفة
الأسرة هي الأساس.. فانتبهوا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق