تجلس على كرسي المسؤولية تأمر وتنهى، وتغضب وتجامل، وتواجه وتتهرب، وتبتسم وتفكر وتقرر، وتظلم وتنصف، وتتقدم وتتقهقر، وتتسمع ولا تسمع، وتتنصت ولا تثق، حالة يومية يمر بها أي مسؤول اليوم، خاصة عندما يكون تعامله مع الآخرين مباشرة فتجده يمر بكل هذه الحالات، فهو يضطر أحياناً أن يتلون بألوان الطيف كي تسير سنوات الخدمة بيسر وسهولة!!
ونجد في البعض منهم مدى تمسكهم بتنفيذ القوانين بشكل صارم لا هوادة فيه، فاستغلوا السلطة الممنوحة لهم ليظهروا قدراتهم السلطوية، فظلموا الصديق والقريب والزميل، في حين أطعموا التابع والمرافق وناقل الخبر، وعند مراجعتك لهم لمناقشتهم فيما وقع عليك من ظلم فيأتيك الرد القاسي مب عاجبك استقيل!! تعجب من الرد ومن حدته، فتبادر بالنصح قائلاً خاف ربك بتدور الأيام فيبتسم قائلاً القانون قانون!!
وطبعاً مع مرور الأيام مسير الحال أن يتغير، ويتبدل إلى حال، فلا استقرار ولا استمرار، وجيل يحل محل جيل، وفكرٌ يتطور، وحلم يتبدد، ووضع يتغير، فيجد المسؤول نفسه قد حال بينه وبين سلطته وبطشه تعميم إداري أنهى قسوة إدارته وأحادية فكره، فانكسر في داخله ذلك المارد الأخضر الذي دمر كل علاقة طيبة ربطته بزملاء العمل السابقين الذين جلسوا بالساعات فقط ليحظوا بدقائق لمقابلته حتى ينصفهم أو يعيد النظر في قراره ضدهم، وكان يرفض دائماً مقابلتهم.
جلس يسأل عن زملائه وأصدقائه وعن أوضاعهم فلم يجد منهم سوى الصد والتجهم في وجهه بسبب سوء تعامله معهم سابقاً، فاتجه يطالب بحقوقه وإنصافه بعد سنوات الخدمة فوجد نفسه يجلس بالساعات ينتظر مقابلة المسؤول الجديد الذي يرفض بالعموم مقابلته، حتى ذلك الواشي الذي أطعمه أيام المجد مر عليه مرور الكلام دون سلام.
جلس مع بعض من تبقى من زملاء العمل يشكو لهم الحال وسوء وضعه ونفسيته، وما آلت إليه ظروفه بعد إعفائه من منصبه، فتجاهله البعض وابتسم له البعض الآخر، إلا أحدهم وقف أمامه قائلاً (قلنا لك) وقلت (القانون قانون).
آخر وقفة
ازرع جميلاً ولو في غير موضعه...
فلن يضيع جميل أينما زُرِعَ...
إن الجميل وإن طال الزمان به..
فليس يحصده إلا الذي زَرَعَ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق