الأربعاء، 1 أبريل 2015

يوميات متقاعد !!


بعد نشر مقال أمس المعنون «انتظر التقاعد.. وافتك»، وبعد كل الآراء التي وصلتني عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أو عبر التواصل الشخصي بين مؤيد ومعارض وساخط ومحايد، وهناك البعض أبحر في الأسباب، بينما قدم البعض الآخر الحلول، وكل ذلك كان متوقعاً، والسبب أن الموضوع ربما لامس واقعنا الذي نعيشه في حياتنا العملية، وكل ذلك أمر طبيعي، بل ويصنف أنه ظاهرة صحية.. ربما تناسى البعض منا نقطة مهمة وجوهرية ألا وهي: ماذا بعد أن يتم تحويلك إلى التقاعد وأنت في عمر الزهور والعطاء كعمر ذلك الذي كرر على مسامعي (انتظر التقاعد وافتك!)؟ 
وصلتني رسالة عبر الإيميل من متقاعد عنونها «يوميات متقاعد»، حاولت إعادة صياغتها.. يقول فيها: 
صبحك الله بالخير أخوي حسن، وأشكرك على مقالك الجميل، والذي وجد صدى يوم أمس كبيراً بين المتقاعدين، خاصة الذين أعرفهم وأقابلهم كل يوم، فكان نصيب الأسد من حديثنا هو مقالتك.. عموماً أخوي أنا حاب أكتب لك عن يومياتي عشان تعرف ماذا وجد المتقاعد.. 
معاك أخوك الكبير (بوسعد) 
بعد خدمتي الطويلة في العمل الحكومي ٣٩ سنة بين تدرج وظيفي وبين تغيير حكومات، وبين ترقيات وعلاوات وأقسام مختلفة ومهام عمل، وانتظار استثناء الدرجة، وبين مراجعين وموظفين وزملاء وذكريات أحباب فقدناهم، وبين مديرين أشكال وألوان وأهواء ورغبات، وبين صحة وعافية هرمت، وبين إجازات وساعات إضافية، وغيرها من تفاصيل يومية لطبيعة كل عمل، وتضحيات كثيرة قدمتها ومثلي أكثر الموظفين أبناء الجيل الطيبين، كل ذلك من أجل حبي الشديد لعملي الذي كنت أستمتع فيه أكثر من كونه عملاً.
واليوم وبعد خروجي من دائرة العمل إلى دائرة الراحة والهدوء والسكون، وجدت نفسي وحيداً في هذه الدنيا، فأبنائي تزوجوا ولم يعد أحد في البيت، وأم عيالي رحمة الله عليها رحلت منذ سنوات وتركتني، فلا ونيس ولا تجارة ولا صحة أستطيع أن أبدأ فيها من جديد، نعم لدي خبرات متراكمة، ولكن ما عاد في صحتي بقية حتى أعمل، فأصبح يومي شبه فارغ لا جديد فيه، حدث الأمس هو نفسه اليوم، وسيتكرر غداً بين مقهى سوق واقف، ومجلس جاري، وزيارة قريب أو صديق، أو موعد مستشفى لا أكثر، فقد رحلوا أصدقاء العمل (رحمة الله عليهم).
اكتشفت فعلاً أهمية العمل في حياة الإنسان، وخاصة مثل من هم في وضعي المحب الملتزم والوفي لعمله، فهو الأمان والسلوى، وإحساس أن لك كياناً ووجوداً في هذه الحياة، فلا يوجد لدي عمل إضافي، مثل تجارة أجد نفسي فيها كي أشغل نفسي، ولا قدرة على مشاركة الغير لضعف المورد المالي، والحمد لله على كل حال. 
أخوي حسن، صعب إنك بعد رحلة العطاء والعمل الجاد وعجلة الزمن التي كانت تدور فجأة تجدها توقفت، وتجد نفسك في حالة صمت بلا حركة!! انتهى.
آخر وقفة 
بوسعد قدم مثالاً واقعياً أرجو أن نتأمله جيداً لنعرف خفايا قد لا نعرفها!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق