زرت قبل فترة أحد الإخوة في مقر عمله من أجل متابعة موضوع خاص، وطبعاً جلسنا نتبادل بعض الأحاديث والمواضيع العامة التي اشتركنا فيها مع بعض زملائه المتواجدين معه في نفس المكتب، وفجأة دخل علينا شخص وألقى نظرة خاطفة على الجميع دون استثناء (حتى أنا) دون أي كلمة، فوجدت الجميع وقفوا وأخرجوا مفاتيح سياراتهم وسلموها له دون أي معارضة، وكأنهم في حالة استسلام فاستغربت.. (من هو..؟!)
تدخل أي وزارة خدمية لمتابعة أي معاملة خاصة بك فتجد بعض الوجوه المألوفة التي تعرفها، وأغلب الوجوه عادة من الجيل الجديد من الشباب، ولكن الأمر لا يخلو من وجود ذلك (الشخص) في كل زاوية لدرجة ما إن يدخل حتى ترى المدير أو الموظف على حد سواء يلمحونه بنظرة، ويبادلهم بنفس النظرة فتصل الرسالة هنا وهناك مفهومة وبدون أي كلمة، فيتم المطلوب وينتهي الموضوع! والجميل أن هذا الشخص يحظى عادة بمعاملة طيبة مهذبة!!
(من هو..؟!)
تذهب لإنهاء معاملتك أيضاً في إحدى شركات القطاع الخاص وتذهب لمقابلة أكبر مسؤول في الشركة لإنهاء معاملتك المتأخرة وأنت في حالة انفعال حاد ونقاش، وفجأة يدخل عليك ذلك الشخص مبتسماً دون استئذان فينظر له المسؤول بابتسامة دون اعتراض فيؤشر له بيده إشارة لا أنت ولا أنا نفهمها، ولكن الشخص فهمها فيذهب ليعود بعد فترة منفذاً ما طلب منه!! (فمن هو..؟!)
حتى على مستوى بيتك وعائلتك موجود هذا الشخص بينكم وأصبح جزءاً لا يتجزأ منكم، بل وأحياناً له منزلة خاصة عند الجميع، فهو العالم بأمور بيتك وخصوصيات عائلتك يحفظها ويستر عليها، وأيضاً لدرجة أن بكلمات مبهمة تكاد تكون غير مفهومة هذا الشخص يدركها ويفهمها قبل الكل مبتسماً ومؤدياً براحة ومحترماً للجميع!
(من هو..؟!)
والأمثلة كثيرة وواقعية، ومعظمنا شعر بهم، وكانت له تجربه عن قريب أو بعيد مع هذا الشخص الذي يفهم لغة العيون واليد والأصابع والتعابير والكلمات، وأحياناً يدرك ويقدر الأمور قبل وقوع المخاطر، فتجده الناصح والناقل والملبي والمطيع في أغلب حالاته (من هو..؟!)
أعتقد البعض منكم شغله معرفة من هذا الشخص الذي في جميع الأماكن نتعامل معه ونحترمه، وإن تثاقلنا معه في المزح إلا أن قلوبنا بيضاء لا نقصد فيها الإساءة وهو يعلم ذلك وقصدنا التخفيف عنه من ضغط العمل اليومي عليه، وغالباً تعاملنا معه يكون بلغة الإشارة غير المفهومة للبعض لكنه يفهمها!!
لو نظرت حولك الآن عزيزي القارئ عزيزي الموظف ستجده، فهو كخلية النحل لا يهدأ أبداً منذ دخوله العمل صباحاً وحتى آخر الدوام، فقد قدم من بلاده من أجل لقمة العيش ولله الحمد وجد القلوب الرحيمة والتعامل الإيجابي منذ اليوم الأول، لذلك تجدهم معمرين عشرات السنين معنا رغم قلة رواتبهم، فكل المسؤولين تغيروا إلا هم باقون!!
آخر وقفة
أعتقد عرفتموه من هو!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق