عتدنا على عشوائية قرارات المجلس الأعلى للتعليم، وعجزنا نتلمس لهم الأعذار، حتى صدر قرار اختبار المعلمين الذي يعد صدمة ليس للمعلمين أنفسهم، بل لكل من يحرص على مكانة المعلم ويحاول أن يعززها، ويعيد لها بريقها، وإلى كل من ينادي ويحث المعلمين من أبناء الوطن للعودة من جديد.
فأنتم يا أصحاب القرار، تدسون السم في العسل للمعلمين، فتقدمون لهم الإغراءات باليمنى لجذبهم لمهنة التدريس، والعوائق والتحديات باليسرى لتنفيرهم منها، ألا يكفي المعلم ما يحمله من أعباء مهنته حتى نضيف لها عبئا جديدا.
إن اختبار المعلمين ليس بالجديد، فالكثير من الدول تجري مثل هذه الاختبارات، ولكن بطريقة مقننة، مخطط لها، مدروسة أبعادها، هذا التخطيط الاستراتيجي الذي للأسف يفتقده المجلس الأعلى للتعليم، والذي تكون قراراته وليدة اللحظة فقرار يصدر وآخر ينسخ ويمحى.
أين كرامة المعلم القدير الذي أفنى عمره في مهنة التدريس؟ أين صورة المربي ووقاره الذي تخرجت على يديه أجيال أسهمت في بناء الوطن، ما موقفه وهو يقدم رجلا ويؤخر أخرى، لدخول لجنة الاختبار، ويا لمصيبته إذا كان أحد القائمين على الاختبار أحد تلاميذه يوما.
ما هكذا تورد الإبل يا أصحاب القرار في المجلس الأعلى للتعليم، فنحن مع الاختبار، عندما يكون للمعلمين الجدد على المهنة، بحيث نحدد كفاءتهم من عدمها، أو للمعلمين المنتدبين من دول أخرى، وليس لمن قضوا عمرا في هذا المجال، وأيضا تجرى للمعلمين المتقدمين للحصول على الرخص المهنية، بحيث يوضح الاختبار المتنوع المهارات مدى استحقاق المعلم للرخصة، هذه الفئات التي يجب أن تختبر، مع الأخذ بعين الاعتبار تنوع وشمولية الاختبارات لجميع المهارات.
إن الطريقة الذي قدم بها قرار اختبار المعلمين طريقة مخزية، ليس للمعلم وحده، بل للعملية التعليمية بأسرها، ومن يقوم عليها، ماذا لو لم يجتز عدد كبير من المعلمين هذا الاختبار ليس لعدم كفاءتهم ولكن نتيجة للظروف النفسية التي وضعوا فيها هل ستبقى المدارس بلا معلمين؟!
فيا هيئتا التعليم والتقييم المبجلتان، إن أردت إلا الإصلاح ما استطعت، فأعطوا المعلم ما يستحقه من تقدير واحترام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق